اختتمت أعمال الدورة الخامسة عشر لمؤتمر القمة الاسلامي للدول الاعضاء في منظمة التعاون الاسلامي بجمهورية غامبيا.
وتنعقد القمة لمدة يومين في مدينة بانجول، تحت شعار (تعزيز الوحدة والتضامن عبر الحوار من أجل التنمية المستدامة)، بحضور رؤساء وحكومات الدول الأعضاء في المنظمة وشخصيات رفيعة المستوى من الدول غير الأعضاء.
وقال رئيس القمة الإسلامية الرئيس الغامبي آداما بارو في كلمته بختام أعمال القمة، إن “الدورة الخامسة عشرة للقمة تمثل بداية جديدة لغامبيا للتعامل مع الدول الأعضاء والجهات المعنية لتعزيز السلام والعدالة والحوار المستمر داخل الأمة الإسلامية وخارجها”.
وأضاف، أنَّ “المسؤولية الجماعية تقع على عاتق منظمة التعاون الإسلامي للبحث عن حلول دائمة لمحنة الأشخاص الذين يعانون من الشدائد، الناجمة عن أي شكل من أشكال الصراع أو الحرب أو التحدي الذي يواجه البشرية”.
وحثَّ بارو جميع الدول الأعضاء على التعاون مع غامبيا خلال فترة رئاستها للقمة والتي تمتد لثلاث سنوات لتعزيز وتحقيق مُثُلنا واتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأمة الإسلامية.
وشهدت القمة قراءة “إعلان بانجول”، إذ أكد قادة ورؤساء دول منظمة التعاون الإسلامي تضافرهم في مواجهة الكارثة الإنسانية الواقعة على قطاع غزة وأهله بسبب العدوان الصهيوني المتواصل الأكثر من ستة أشهر دون هوادة أو مراعاة لأبسط القيم الأخلاقية والانسانية، داعين إلى وقف إطلاق النار الفوري وغير المشروط للعدوان الشامل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ودعوا دول العالم إلى ضرورة التحرك لوقف جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والي تنفيذ الاجراءات الاحترازية التي أمرت بها محكمة العدل الدولية، مؤكدين على بذل كافة الجهود لتعجيل وصول كافة المساعدات الإنسانية ورفض أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني عن أرضه.
وشدد القادة على ضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من احقاق حقوقه الوطنية المشروعة على النحو الذي اعترف به المجتمع الدولي، بما في ذلك من خلال اعترافه بالدولة الفلسطينية داخل على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وتقديم الدعم لنيل دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وأشاد القادة بتضامن الشعوب والحكومات الأفريقية مع نضال الشعب الفلسطيني، وتحديدا الدول الاعضاء في المنظمة، وموقفها الثابتة لإنهاء الظلم التاريخي الذي طال الشعب الفلسطيني، من واقع تجربتها المريرة مع إنهاء الاستعمار والتمييز العنصري.
وأكدو أهمية اللجوء إلى الحوار والوساطة في تسوية النزاعات بما يوفر مناخاً خالياً من التوتر فيما بين بلدان الأمة الإسلامية، مشددين على أهمية تعزيز الدبلوماسية الوقائية للإسهام بشكل فعال في إحلال السلم وحماية الأرواح والموارد وتحقيق آمال وتطلعات شعوبنا في التنمية المستدامة.
وأعرب القادة عن تضامنهم مع الجماعات والمجتمعات المسلمة في عدد من الدول غير الأعضاء في المنظمة والتي تعاني من الاضطهاد والظلم والعدوان، مؤكدين استمرار الدعم السياسي والأخلاقي والدبلوماسي لشعب كاشمير، وداعين مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى اتخاذ تدابير فعالة لتنفيذ قراراته بشأن جامو وكشمير لتمكين شعب كاشمير من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير عبر استفتاء عام تحت إشراف الأمم المتحدة.
كما أعربوا عن بالغ قلقهم إزاء تزايد الاضطهاد المنهجي للمسلمين والأقليات الأخرى في الهند الذي أدى إلى تهميشهم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وحثوا حكومة الهند على اتخاذ التدابير اللازمة لحماية حياتهم وممتلكاتهم ومنع حدوث أي أعمال مماثلة في المستقبل.
وأشادوا بجمهورية باكستان الإسلامية والمملكة العربية السعودية، وجمهورية تركيا، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والدول الأعضاء الأخرى لجهودها الرائدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لاعتماد القرارين اللذين حددا يوم 15 مارس (اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا) في عام 2022 و(تدابير مكافحة الإسلاموفوبيا) في يوم 15 مارس 2024.
ودعا القادة الدول الأعضاء وغيرها من الدول إلى اتخاذ كافة التدابير اللازمة، بما في ذلك التدابير التشريعية وتدابير السياسة العامة لمكافحة التعصب الديني والقولبة النمطية السلبية والكراهية والتحريض على العنف ضد الأشخاص على أساس دينهم أو معتقدهم.
وأكدوا دعمهم لأفغانستان يسودها السلام والاستقرار والرخاء والشمول، مشددين على التصدي للتحديات التي يواجهها الشعب الأفغاني، مثل التحديات الإنسانية، وحقوق الإنسان، والجماعات العرقية، والأمن والإرهاب، والمخدرات، والتحديات الاجتماعية.
وشددوا على أهمية الاحترام الكامل لحقوق الإنسان لجميع الأفغان وضرورة حماية الحقوق الأساسية للفتيات والنساء الأفغانيات، ولا سيما الحق في التعليم والعمل، ودعوا إلى مزيد من التواصل مع سلطات الأمر الواقع بشأن هذه القضايا.
وأشاد القادة بجمهورية غامبيا لما تبذله من جهود رائدة على مستوى محكمة العدل الدولية نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي من أجل مساءلة أولئك الذين ارتكبوا الإبادة الجماعية والفظاعات في حق الروهينجيا المسلمين.
وندَّد القادة بأشد العبارات، بالحوادث المتكررة بحرق نسخ من المصحف الشريف في عدد من البلدان الأوربية، داعين البلدان المعنية والمجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير شاملة وضرورية لمنع تكرار مثل تلك الأفعال والتصدي للتنامى المقلق لظاهرة الإسلاموفوبيا.
وأشاد القادة بالمملكة العربية السعودية، في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد، على دعمهما الدؤوب والقوي والتوجيه الكريم لمنظمة التعاون الإسلامي وللأمة الإسلامية عامة في سبيل تحقيق الأهداف العالمية المتمثلة في السلم والعدل والأمن والتنمية المستدامة.
وإلى جانب “إعلان بانجول” أصدرت القمة الإسلامية أيضاً بياناً ختامياً شاملاً حول مختلف القضايا والشؤون السياسية والاقتصادية والإنسانية والثقافية والاجتماعية والإعلامية لدول منظمة التعاون الإسلامي.
وأشادت القمة في بيانها الختامي بمخرجات المنتدى الدولي الذي نظمه اتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي (يونا) بعنوان (الإعلام ودوره في تأجيج الكراهية والعنف: مخاطر التضليل والتحيز) في مدينة جدة بتاريخ 26 نوفمبر 2023، وذلك بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي وبمشاركة جميع وكالات الأنباء الرسمية في الدول الأعضاء بالمنظمة، وعدد من وسائل الإعلام الدولية والمؤسسات الفكرية والدينية.
ونوهت القمة الإسلامية بالمحور الخاص الذي تضمنه المنتدى عن (التحيز والتضليل في الإعلام الدولي: القضية الفلسطينية أنموذجاً)، والذي سعى إلى التصدي لما تتعرض له القضية الفلسطينية من تحيز في بعض وسائل الإعلام الغربية يحول دون كشف انتهاكات الاحتلال الصهيوني وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه.
كما أصدرت القمة أيضاً قراراً مستقلاً بشأن (قضية فلسطين والقدس الشريف)، وذلك في ظل ما تشهده هذه القضية من تطورات خطيرة وغير مسبوقة بسبب جرائم العدوان العسكري الصهيوني الغاشم على الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة.