علي حسين عريبي – كربلاء
ملخص الكلام وبشهادة كل من حضر الى منطقة رأس البيشة ليبدأ المسير الى كربلاء المقدسة.
طيلة السنة هو يعد العدة لهذا اليوم المبارك، اذ حراك دؤوب رغم طول المسير لا يتعب ولا يكل، عجباً متى ينام؟ هذا السؤال لا يحتاج الى الإجابة.
ظروف قاسية تمر في رحلة سيراً على الاقدام من رأس البيشة الى كربلاء، يصبح كل جزء من جسده قلباً ينبض بالحياة، كأنه يحمل في جسده أكثر من قلب!!
يحمل في قدمه قلباً يعبر به عن المسير، وفي يده قلباً يخدم فيه الزائرين، وفي راسه… وفي عينه….
تحتشد تلك القلوب لنصرة قضية سيد شباب أهل الجنة الامام الحسين (عليه السلام)، وكانت تليق له الدشداشة السوداء العاشورائية، ومنذ أن كان صغيراً ترعرع حسينياً بصريَّ السمات، كان اول من يحضر الى تلك المنطقة ليخدم الزائرين المعزين.
كان دائماً يقول لي: ـ خدمة الزائرين الكرام لها طعم خاص ومذاق فريد، ثم يصف الخدمة بأوصاف غريبة، يقول: يصبح ظل الزائر منارة، والبكاء له خصوصية عجيبة تسمعه كل مخلوقات الله تعالى، وحينما يتعب الزائر يشعر وكأن الأرض تحت اقدامه هي التي تسير، يجب ان نخدم الزائرين بكل ما نملك وفي كل مكان… هكذا يقول!
عام 2016 أصيب اخي بمرض عضال(السرطان)، كان كل عام قبل زيارة الأربعين يتلقى العلاج الكيميائي ثم يذهب مباشرة ليخدم الزائرين.
كنت أقول له: ـ الاجهاد يسبب لك الموت السريع.
اذ كان ينظر لي بزعل: ـ لا تقل لي هذا الكلام وانا ذاهب لأخذ علاجي الحقيقي والرئيسي، عندما اخدم زائري الامام الحسين (عليه السلام)، وقلبي ينبض لبيك يا أبا عبدالله.
واثناء رقوده في المستشفى كان لا يتحدث عن أي شيء سوى الموكب الحسيني الخدمي، كان الأهم عنده تجهيز الموكب كل ما يحتاجه الزائر.
أتذكر جيداً حينما كنا في المستشفى، اذ تورطت في ورطه معه عندما قلت له: ـ هذا العام لن نذهب لموكبنا لأن وضعك صحي غير مستقر.
لذا بكى بكاء الطفل بحرارة!!.
وقال: ـ ارجوك يا سندي اخي لا تمنعني من خدمة من قدم الغالي والنفيس من اجل الدين الإسلامي ومن اجلنا.
وحينما نزل اخي الى الموكب في راس البيشة، اذ كنت اعلم ان هذه الأيام الأخيرة له في الحياة، لكني لم أكلمه بشيء لأني رأيت فيه روح عابس وجون.
قد انتهى الامر وقال كلمته الأخيرة: ـ يا حسين اجعلني من خدمتك واخذ بيدي.
هب زائري ليحملونه على اكتافهم ويودعونه بهتاف (ابد والله ما ننسى حسينا).
2024 تعد هذه السنة الثالثة على التوالي من فراق اخي، وانا احمل صورته على صدري من راس البيشة الى كربلاء مشياً على الاقدام.
بعض زائري يسألوني اراك ترفع مظلة على صورته؟ :ـ لتحميه من اشعة الشمس اللاهبة حتى يرجع الى ملاذه وقبره سالماً دون ان يمسه التعب.