أحمد صلاح – كربلاء
مسلسل “الجنة والنار”، الذي عُرض مؤخرًا وحقق شهرة واسعة، هو عمل درامي عراقي تم تصويره في محافظة ذي قار جنوب العراق، وهذا المسلسل يبرز بشكل واضح أهمية البساطة والواقعية في الفن، ويمثل تجربة فنية متميزة تسلط الضوء على قوة اللغة المحلية والعادات الجنوبية الأصيلة.
الوجوه الطبيعية
من العناصر التي تميز “الجنة والنار” هي الوجوه الطبيعية للممثلين والممثلات، والتي تعكس الجمال الحقيقي بعيدًا عن الفلاتر والعمليات التجميلية.
هذا الاختيار يعزز من مصداقية العمل وواقعيته، ويجعل الشخصيات تبدو قريبة من الحياة اليومية للمشاهدين، فالأزياء أيضًا تلعب دورًا مهمًا في إبراز الأصالة؛ فهي تمثل أسلوب الحياة في ذي قار دون تكلّف، مما يضفي لمسة من الحقيقة على كل مشهد.
تجسيد الهوية
أحد العناصر البارزة في “الجنة والنار” هو استخدام اللهجة الجنوبية بشكل متقن، اللهجة لا تُعزز فقط من مصداقية الشخصيات بل تساهم أيضًا في إبراز الهوية الثقافية للمكان.
الممثلون أجادوا استخدام اللهجة الجنوبية بكل تفاصيلها، مما يضيف عمقًا وصدقًا للأداء التمثيلي، فالتعبيرات والمفردات المستخدمة ليست فقط تعبيرًا عن الثقافة المحلية، بل تلعب أيضًا دورًا في نقل المعتقدات والعادات التي تشكل جزءًا أساسيًا من حياة سكان المنطقة.
الموسيقى التصويرية والعناصر الثقافية
تلعب الموسيقى التصويرية دورًا بارزًا في “الجنة والنار”، إذ تسهم في تعزيز الأجواء الدرامية بشكل كبير، الموسيقى تُختار بعناية لتتماشى مع الإيقاع العام للمسلسل، مما يضفي عمقًا عاطفيًا على المشاهد ويجعلها أكثر تأثيرًا، إضافة إلى ذلك، تم تضمين مقاطع صوتية من محاضرات الشيخ أحمد الوائلي، مما يثري العمل بأبعاد ثقافية وروحية عميقة.
كما يظهر المسلسل الاهتمام الكبير بعادات وتقاليد أهالي الجنوب، لا سيما في استقبال شهري محرم الحرام وصفر الخير، وما يترافق معهما من مظاهر الحزن على ماجرى للإمام الحسين (عليه السلام).
تُظهر المشاهد العلامات المميزة للحزن والتأبين، مما يعكس الاحترام العميق والتزام المجتمع بهذه التقاليد، هذه العناصر قد لا نجدها في المسلسلات الأخرى التي تنفق عليها مبالغ طائلة، حيث غالبًا ما تركز على الأساليب التجارية وتفقد لمسات الثقافة الأصيلة للمجتمع العراقي.
دعوة لتوثيق أكثر
من المهم الإشادة بجهود القائمين على مسلسل “الجنة والنار”، بما في ذلك غرفة الكتابة والمخرج، لقد نجحوا لغاية الان في تقديم عمل درامي يعكس الحياة الاجتماعية بشكل متميز، ويعبر عن ثقافة المنطقة بصدق، إن النجاح الذي حققه المسلسل يعكس الجهد الكبير المبذول في تحقيق هذه الرؤية الفنية.
ندعو القائمين على المسلسل إلى توثيق قصص أكثر بنفس الطريقة المغايرة للمألوف، والتي تقترب من الحياة الاجتماعية العامة، هذه الطريقة في السرد الفني تجعل المشاهدين يشعرون بعمق الانتماء والتواصل مع القصص التي تُعرض، وتقدم تجربة مشاهدة أصيلة وفريدة تعكس جوهر الحياة الثقافية والاجتماعية.
تم تصوير مشاهد المسلسل خلال 7 أشهر في مدن الناصرية وسوق الشيوخ، والشطرة، ويتكون من 22 حلقة يعرض الان على تطبيق “المنصة” وهو من إنتاج بيت الدراما في الناصرية.
أبرز الممثلين المشاركين في المسلسل علي عبد النبي الزيدي وسنان العزاوي وأمير عبد الحسين وأمير أبو الهيل وياسر البراك وزمن علي وعمر دبور وأحمد نسيم ومخلد جاسم العبيدي وتحسين داحس وأسعد المطيري ومحسن خزعل وزيدون داخل وغيرهم كثير، ومن بينهم أطفال وشباب وكبار في السن.