أحمد الدعمي – كربلاء
تشهد لبنان منذ منتصف الشهر الماضي اعتداءات صهيونية تجاوزت في تفاصيلها كل الأعراف الدولية، وضربت حقوق الإنسان عرض الحائط، متسببة في استشهاد 2448 شخصًا وإصابة 11471 آخرين حتى لحظة كتابة هذا التقرير، بحسب ما أوردته وزارة الصحة اللبنانية، إضافة إلى نزوح الآلاف وسط فقدان أغلب مقومات الحياة.
بدأ الصراع اللبناني–الصهيوني منذ أكثر من عام، عندما دخل حزب الله اللبناني على خط الإسناد لدعم عملية طوفان الأقصى التي نفذتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية، لكنه اتخذ منحًى آخر عندما تحول إلى مواجهة مباشرة بين الطرفين، خاصة بعد حادثة تفجير أجهزة الاتصال الخاصة بالحزب (البيجر)، وبدأت الضربات الصهيونية تصل إلى عمق بيروت بحجة ضرب مقرات حزب الله، مما يشكل اعتداءً عسكريًا واضحًا على لبنان كدولة، وتعديًا على القرارات الأممية التي تدعو لاحترام سيادة الدول.
أين الجيش اللبناني؟
السؤال الذي يراود الجميع طيلة الأيام الماضية هو عن دور الجيش اللبناني المعدوم تجاه ما يجري في البلاد، خصوصًا أن وظيفته المقدسة هي الدفاع عن أرض وشعب لبنان بكل طوائفهم ومذاهبهم. فهل يقف هذا الجيش عاجزًا أم متخاذلًا أمام ما يحدث؟ هذا ما سيجيب عليه هذا التقرير في فقراته التالية.
قيود على التسليح.. وتقنين الصلاحيات
بحسب معهد الدراسات الاستراتيجية الدولي، فإن محاولات تسليح الجيش اللبناني بأسلحة ثقيلة ومتطورة تواجه قيودًا دولية معقدة، بسبب عوامل مرتبطة بالوضع السياسي وتأثيراته الإقليمية والدولية. يعتبر الجيش اللبناني من القوى العسكرية التي تتلقى دعمًا دوليًا محدودًا نسبيًا، كما أن الأسلحة الثقيلة مثل الطائرات الحربية الحديثة والدبابات المتطورة تبقى محظورة أو محدودة جدًا، لأسباب تتعلق بحماية الكيان الصهيوني.
تقدم الولايات المتحدة الأمريكية مساعدات عسكرية للجيش اللبناني، لكنها تفرض قيودًا صارمة على الأسلحة الثقيلة مثل الطائرات الحربية والصواريخ المتطورة، خوفًا من أن تنتقل إلى حزب الله، وفقًا لما تبرره واشنطن. كما تقيد القرارات الدولية هذا الجيش من ممارسة النشاطات العسكرية، خاصة عند الحدود الجنوبية حيث الأراضي المحتلة.
الضغط الصهيوني على المجتمع الدولي
يضغط الكيان المحتل في المحافل الدولية، وخاصة في الولايات المتحدة، لمنع تسليح الجيش اللبناني بأسلحة قد تُستخدم ضده، في ظل المخاوف من حزب الله الذي يُعتبر عدوًا لدودًا لتل أبيب. وبما أن هذا الكيان المقيت لديه اليد الطولى على القوى العالمية، فإن تلك القوى لا تستطيع سوى تلبية ما يراه نتنياهو مناسبًا.
الأمم المتحدة لا تفرض حظرًا مباشرًا على تسليح الجيش اللبناني، لكنها تدعو إلى استقرار الوضع في لبنان وتحقيق توازن بين جميع الأطراف لضمان عدم تصعيد النزاع في المنطقة. في المقابل، تُسمح بتسليح الجانب الآخر حتى بالأسلحة المحرمة دوليًا.
ونتوصل من كل ما ذكر إلى أن الجيش اللبناني عاجزٌ أكثر مما هو متفرج، لكن هذا لا يعني تبرير عدم الدفاع عن البلاد وشعبها وسيادتها، الأمر الذي يجعله لقمة سائغة للأعداء، ويضعه في موقف يُفقده الثقة لدى الشارع اللبناني.