احمد صلاح – كربلاء
يطرح البعض مؤخرًا رأيًا مفاده أن “لا داعي لكليات الإعلام” بحجة أن المهنة تعتمد على الموهبة والجرأة، لا على الشهادات، لكن هذا الطرح، رغم انتشاره، يُعد اختزالًا خطيرًا لطبيعة العمل الإعلامي ودوره الحساس في المجتمع.
الإعلام اليوم ليس مجرد “نقل خبر” أو “الظهور أمام الكاميرا”، بل هو منظومة متكاملة من القيم، القوانين، المهارات، والتحليل، من دون دراسة أكاديمية، يغيب الفهم العميق لهذه الجوانب، ويصبح المجال مفتوحًا للفوضى والدخلاء، الذين لا يفقهون بتلك القواعد.
كليات الإعلام لا تخرّج مجرد مذيعين، بل تدرّس: أخلاقيات المهنة، التي تمنع التحريض وبث الكراهية، وطرق التحقق من المعلومات، لمواجهة الأخبار الكاذبة، وفهم السياقات السياسية والاجتماعية، لتحليل الخبر وليس فقط نقله، والقانون والإعلام، لفهم الخطوط الحمراء وحدود الحرية الصحفية.
غياب هذه الأسس هو ما أدى إلى تراجع ثقة الناس بالإعلام، وانتشار الخطاب الشعبوي والمحتوى الرديء او (الهابط).
ان الدول المتقدمة تُولي كليات الإعلام اهتمامًا كبيرًا، لأنها تدرك أن إعلامًا قويًا يعني مجتمعًا أقوى، ومواطَنة مبنية على وعي ومعرفة، العراق، بأوضاعه المعقدة، أولى من غيره بأن يُحصّن مؤسساته الإعلامية بالعلم والتأهيل الأكاديمي.
بدل إلغاء كليات الإعلام، المطلوب اليوم هو إصلاحها، وتطوير مناهجها بما يواكب التطور العلمي، وربطها بسوق العمل الحقيقي، ليكون لدينا جيل جديد من الصحفيين يحمل الموهبة، لكن مدعومة بالمعرفة والمسؤولية.
الإعلام ليس ترفًا… إنه أداة بناء أو هدم.
فهل نُسلّم هذه الأداة لكل من هبّ ودب!