يستذكر العراقيون، في التاسع من نيسان، الذكرى الثانية والعشرين لسقوط النظام الدكتاتوري الذي حكم العراق بالحديد والنار لعقود طويلة، في واحدة من أكثر المراحل دموية وظلماً في تاريخ البلاد الحديث. نظام صدام حسين، الذي وُصف على نطاق واسع بأنه “نظام دموي مجرم”، خلّف وراءه سجلاً حافلاً بالقتل والقمع والاعتقالات الجماعية، إضافة إلى إشعال حروب عبثية أنهكت الشعب ومزّقت الدولة.
وقد جاء سقوط ذلك النظام على يد القوات الأميركية في عام 2003، بعد ثلاثة أسابيع من القصف العنيف والمعارك التي اجتاحت البلاد، حيث شهدت بغداد ليلة مرعبة تلقت فيها أكثر من ألف غارة جوية، أدّت إلى دمار واسع في البنى التحتية وخسائر بشرية ومادية جسيمة.
ومع انهيار النظام، غابت مؤسسات الدولة، وتحوّلت العاصمة ومناطق أخرى إلى ساحات للفوضى والسلب والنهب والحرق، وسط انعدام تام للأمن وغياب أي سلطة بديلة منظمة، ما فتح الباب أمام انهيار سياسي شامل.
ورغم أن نهاية حكم صدام حسين شكّلت لحظة طال انتظارها من قبل ملايين العراقيين الذين ذاقوا الويلات تحت بطشه، فإن مرحلة ما بعد السقوط لم تأتِ بما كان يُؤمَل. فقد دخل العراق في دوامة معقدة من العنف الطائفي، وتفكك الدولة، وتنامي التدخلات الإقليمية والدولية، ما ساهم في استمرار معاناة الشعب حتى اليوم.
وتبقى الذكرى فرصة للمراجعة والوقوف على الدروس المستخلصة من تلك الحقبة السوداء، التي مزّقت نسيج المجتمع العراقي، ورسّخت الحاجة إلى بناء دولة تقوم على العدالة والكرامة والسيادة، بعيداً عن الدكتاتورية والحكم الفردي.