احمد صلاح – كربلاء
تشهد الساحة الإعلامية في العراق حالة من الفوضى بسبب انتشار الصحافة غير المهنية ووجود دخلاء على المهنة، يُعرفون بين الصحفيين بـ”الدمج”، الذين لا يمتلكون المؤهلات الأكاديمية أو الأخلاقية لممارسة العمل الصحفي.
في ظل هذا الواقع، تتعالى أصوات الصحفيين الأكاديميين للمطالبة بإدراج مادة التربية الإعلامية ضمن المناهج الدراسية في المدارس العراقية، لما لها من أهمية كبيرة في تنشئة جيل واعٍ قادر على التمييز بين الإعلام الحقيقي والمضلل.
لماذا التربية الإعلامية؟
تهدف التربية الإعلامية إلى تعليم الطلاب كيفية التعامل مع المعلومات التي يتلقونها يوميًا عبر وسائل الإعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعي فهي تُساعد على تنمية التفكير النقدي لدى الطلاب، مما يمكنهم من التفريق بين الأخبار الصحيحة والمغلوطة، وتعزيز الثقافة الإعلامية وفهم دور الصحافة في بناء المجتمع، وتقليل تأثير الدعاية الإعلامية والتضليل الذي تمارسه بعض الجهات غير المهنية، الى جانب توفير فرص عمل للخريجين الجدد في مجال الإعلام عبر إعدادهم بشكل مبكر لسوق العمل الصحفي.
من يعارض هذا التوجه؟
على الرغم من الفوائد الكبيرة لهذه الخطوة، إلا أن إقرارها قد لا يكون في مصلحة البعض، وعلى رأسهم “الدمج”، الذين سيواجهون مستقبلاً صعبًا في بيئة إعلامية يكون فيها الجمهور أكثر وعيًا وقدرة على تقييم المحتوى الصحفي بشكل نقدي. كما قد تعارض بعض الجهات السياسية والإعلامية المؤثرة هذا المقترح، لأنها تستفيد من ضعف الثقافة الإعلامية لدى الجمهور في تمرير رسائلها وأجنداتها.
من المطالبات الفردية إلى الضغط المؤسسي
حتى الآن، لا تزال هذه المطالبات مقتصرة على جهود فردية من بعض الصحفيين، لكنها تحتاج إلى تنظيم وتحويلها إلى حملة رسمية تضغط على الجهات المعنية، عبر الخطوات التالية:
1. تشكيل لجنة من الصحفيين والأكاديميين لقيادة الحراك والمطالبة بشكل رسمي.
2. التواصل مع نقابة الصحفيين العراقيين لجعل هذا المطلب جزءًا من أجندة الإصلاح الإعلامي في البلاد.
3. إطلاق حملات إعلامية عبر الصحف والقنوات التلفزيونية ومواقع التواصل لشرح أهمية التربية الإعلامية وتأثيرها الإيجابي على المجتمع.
4. جمع توقيعات من الصحفيين والأكاديميين لدعم المقترح وتقديمها للجهات المختصة.
5. تنظيم ندوة أو مؤتمر صحفي يضم شخصيات إعلامية وأكاديمية لمناقشة أهمية هذا الموضوع وطرح حلول لتفعيله.
6. التواصل مع نواب البرلمان المعنيين بشؤون التربية والإعلام لحشد الدعم السياسي للمقترح.
7. الاستفادة من التجارب العالمية في مجال التربية الإعلامية، وتقديم دراسات حول نجاحها في دول أخرى.
إقرار مادة التربية الإعلامية في المناهج الدراسية العراقية لم يعد خيارًا، بل ضرورة في ظل التحولات الإعلامية السريعة التي يشهدها العالم.
إن بناء جيل واعٍ بالإعلام لا يحمي المجتمع فقط من التضليل، بل يعزز من مهنية الصحافة العراقية، ويحدّ من هيمنة غير المؤهلين على المشهد الإعلامي. لذا، تقع المسؤولية على عاتق الصحفيين والأكاديميين في تحويل هذه المطالبة إلى واقع ملموس، من خلال الضغط المستمر على الجهات المعنية حتى يتم إدراج هذه المادة في المناهج الدراسية.
فهل نشهد قريبًا أولى خطوات الإصلاح الإعلامي في العراق؟