يُعدّ الأول من أيار، عيد العمال، مناسبة سنوية للاحتفاء بعطاء الطبقة العاملة، تلك القوة الصامتة التي تنهض على أكتافها عجلة الاقتصاد وتُبنى بها المجتمعات. وهو يوم ليس فقط للاحتفال، بل أيضاً للتأمل في واقع العمال، وتقييم ما تحقق من مكاسب وما تبقى من نضالات في سبيل العدالة الاجتماعية وكرامة العمل.
ظهر هذا العيد في أواخر القرن التاسع عشر، عقب نضالات حركات العمال في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الصناعية، التي طالبت آنذاك بتحديد ساعات العمل اليومية بثمانٍ، وتوفير بيئة عمل إنسانية. واليوم، وعلى الرغم من مرور أكثر من قرن على تلك المطالب، لا تزال قضايا العمال تشغل الساحة العالمية، من ظروف العمل غير الآمنة، إلى الأجور المتدنية، والتهميش النقابي في بعض القطاعات.
وفي العالم العربي، يواجه العمال تحديات مضاعفة في ظل أزمات اقتصادية متلاحقة، وصراعات سياسية، وتراجع دور النقابات. كما أن التغيرات التكنولوجية والتحول نحو الاقتصاد الرقمي زادت من هشاشة سوق العمل، ودفعت بملايين من العاملين إلى اقتصاد “الوظائف المؤقتة”، حيث تغيب الاستدامة والضمانات الاجتماعية.
لكن في المقابل، شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً في الوعي العمالي، وتنامياً في حركات المطالبة بالحقوق، سواء من خلال الإضرابات أو الحملات الرقمية، مما يشير إلى أن صوت العامل لم يعد خافتاً كما في السابق.
عيد العمال هو دعوة للتضامن، لا بين العمال وحدهم، بل بين جميع أطياف المجتمع. فحقوق العامل ليست شأناً فئوياً، بل حجر الأساس لأي نهضة اقتصادية وتنمية بشرية شاملة. والاعتراف بجهود العمال لا يكتمل بالكلمات والاحتفالات، بل بالسياسات العادلة، والمساواة في الفرص، والكرامة في مواقع العمل.
في هذا اليوم، ننحني احتراماً لكل من يكدّ ويجتهد، لكل من يبني ويصنع ويزرع ويُعلّم، ولكل يدٍ عاملةٍ تُسهم في بناء مستقبل أفضل.