في حادث مأساوي، يروي الضابط في الشرطة الاتحادية أبو مهيمن” كيف خرجت رصاصة من سلاحه الشخصي عن طريق الخطأ أثناء تنظيفه في منزله، لتُصيب زوجته وترديها قتيلة، لم تكتفِ عائلة الضحية بالحزن، بل ردّت بـ”دكَّة عشائرية” ضد عائلة الضابط، في مشهد يعكس خطورة ما يجري من انهيار للقيم والأعراف لتختفي لغة التسامح وتصبح لغة العنف والسلاح هي السائدة بين أوساط المجتمع الذيقاري ، في حين تحذّر المرجعية الدينية ، وتُساهم في حل النزاعات، ونشر الوعي وتطبيق الاحكام الشرعية ، وتساند الدولة في فرض القانون.
الاشتباكات العشائرية التي تصدرت المشهد في محافظات الجنوب العراقي، وسط قلق متزايد من تدهور أمني مستمر… وغياب واضح للحلول. فيما تقف السلطات عاجزة عن الحد من هذه النزاعات التي باتت تهدد السلم المجتمعي واستقراره.
عجز حكومي وغياب الحلول:
وتُعزِي السلطات الحكومية حدوث النزاعات العشائرية إلى ثلاثة أسباب:
انتشار السلاح المنفلت ، وظاهرة الاستحواذ على الأراضي الزراعية وتحويلها إلى نفطية، فضلًا عن انتشار تجارة المخدرات التي تدرُّ أرباحًا خيالية، مما يتسبب بنزاعات بين أفراد العشيرة الواحدة، ناهيك عن ارتباط بعض العناصر بالميليشيات وتمتعهم بعلاقات مع أحزاب السلطة.
امتداد للسلاح المنفلت
الدكة العشائرية هي امتداد للسلاح المنفلت خارج سيطرة الدولة هكذا يرى الباحث في الشأن السياسي حسين الغرابي، وأضاف أنه عامل أساسي في زعزعة الأمن واستقرار المجتمع، ويلفت الغرابي الى ان هذه الظاهرة نابعة من خراب النظام السياسي، والضعف الكبير الذي يطال المؤسسات الأمنية المنخورة بالمحاصصة والاستغلال الحزبي والطائفي من خلال عمليات دمج العناصر الحزبية بالمؤسسة الأمنية، وأشار إلى أن إنهاء هذه الظاهرة الخطيرة يبدأ من حملة حقيقية لفرض القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، وملاحقة السلاح وحامليه، وخاصة في القرى والأرياف.
كما أكد أن عسكرة المجتمع هي إحدى نتائج نظام المحاصصة المقيت الذي دمّر البلد، وساهم في انتشار السلاح في مناطق العراق بكثرة. فالأحزاب عملت على خلق جيوش موازية ومعسكرات كثيرة، أدت أيضًا إلى انتشار السلاح بيد العشائر، باعتبار أن فئة الشباب المنتمين لهذه التجمعات والجيوش هم غالبًا من الطبقة العشائرية، مؤكدا على ان الدولة التي يضعف فيها القانون يتقوّى فيها الجانب العشائري، وأن دعم شيوخ العشائر وتقويتهم من قبل السلطة ورجال السياسة هو أيضًا سبب مباشر في تقوية النزعة العشائرية وانفلات السلاح.
في ظل غياب قانون رادع
إذا كانت الدولة تطبق القانون بحزم وشدة، وتُعاقب على هذه الأفعال بعقوبات قاسية، فإن هذه الظواهر السلبية ستتلاشى وتختفي من المجتمعات المدنية هكذا يرى الباحث الاجتماعي فاضل عامر ، معربا عن اسفه الشديد، إن المحاكم تتهاون في الآونة الأخيرة مع مثل هذه الظواهر السلبية في المجتمع، ويؤكد المواطن ان المحسوبين على العشائر المعروفة هم الذين أثروا على سمعة العشائر العراقية المعروفة.
ضحايا الدكة العشائرية
غياب القانون شجع اصحاب العقول المريضة والموهمين بالسلطة ما جعلهم يعتدون حتى على الطفولة ، مواطن فقد طفلته البالغة من العمر سبعة اعوام بعد اندلاع شجار بين عائلتين نتيجة دخول( دابة ) الى بستان احدهم ،في حين يصف المواطن مرتضى الشرع ان الدكة العشائرية مظهر من مظاهر التخلف الاجتماعي، ونتيجة مباشرة لضعف الوعي الديني وغياب هيبة الدولة وتتصدر محافظة ذي قار محافظات العراق بارقام الدكة العشائرية التي وصلت الى اكثر من 110 نزاع مسلح التي راح ضحيتها العشرات من المواطنين ورغم ان القانون اعتبر الدكة العشائرية جريمة يعاقب عليها القانون لكنها تبقى قرارات حكومية في الوقت الذي تزداد فيه حدّة النزاعات العشائرية، تبقى الأسئلة مفتوحة:متى تتم السيطرة على السلاح المنفلت؟ وهل تستعيد الدولة سلطتها أمام تمدد نفوذ العشيرة.