رسم تقرير أميركي، صورة قاتمة لصيف العراق، مرجحاً أن يواجه ازمة طاقة حادة خلال هذا الفصل، خصوصاً مع تعثر امدادات الغاز والكهرباء الإيرانية بسبب العقوبات الامريكية، ما يعني أن العراقيين سيعانون من انقطاعات لأكثر من 20 ساعة يومياً، وارتفاع حاد في سعر امبير المولدات الاهلية.
وذكر تقرير لموقع “ميديا لاين” الأميركي، الذي ترجمته وكالات محلية واطلعت عليه “سكوب الإخبارية”، أن “ارتفاع درجات الحرارة قد يتخطى ال50 درجة مئوية، وان هناك انخفاضا بإمدادات الكهرباء بنسبة 40%، حيث تظهر بيانات الحكومة العراقية ان توقف تدفق الغاز وواردات الكهرباء من ايران، سيتسببان في خسارة العراق 11 الف ميغاواط من الطاقة الكهربائية يوميا، حيث سينخفض انتاجه اليومي الى حوالي 17 الف ميغاواط، في حين انه يحتاج الى حوالي 45 الف ميغاواط يوميا لمواجهة حرارة الصيف”.
وأوضح التقرير، ان “ازمة العراق قد تتفاقم خلال الصيف المقبل، بسبب التأثير القوي للاحتباس الحراري، اذ ان متوسط درجات الحرارة ارتفع بنحو 5 درجات مئوية على مدار العشرين سنة عاماً، ليصل في أحيان كثيرة الى اكثر من 50 درجة مئوية، وهو ما يعني ان هناك حاجة ضرورية لتشغيل أجهزة تكييف الهواء”.
ولفت التقرير الأميركي الى ان “الحكومة حاولت استكشاف بدائل، بما في ذلك استيراد الغاز من تركمانستان، غير ان هذه الخطة واجهتها عقبات عديدة، من بينها مرور الغاز عبر الأراضي الإيرانية، في حين ان فكرة رفع انتاج العراق من الغاز المحلي، ستستغرق 4 سنوات على الأقل قبل إمكانية استخدامه”.
اما بالنسبة الى استيراد الغاز الطبيعي المسال عبر ميناء الزبير في محافظة البصرة، فقد أوضح التقرير ان “البيانات العراقية تشير الى ان هذا الحل سيتطلب 5 شهور، ما يعني انه لن يتم تنفيذه قبل يوليو/تموز 2025 بأحسن الأحوال بينما يبدأ شهر الصيف والاقبال على الطاقة، في حزيران وتموز وآب من كل عام”.
واكد ان “العراق يستورد حوالي 300 ميغاواط من الطاقة يوميا من تركيا، ويسعى الى زيادتها لتصل الى 600 خلال الصيف المقبل، الا ان ذلك ليس كافيا ليعوض العجز الناجم عن حظر استيراد الغاز والطاقة من ايران”، منوها الى ان “العراقيين يعتمدون بشكل متزايد على مولدات الكهرباء الخاصة، وهو ما تترتب عليه أعباء مالية شهرية إضافية على المواطنين، حيث ان سعر الامبير الواحد يتراوح ما بين 20 الف دينار (15 دولارا) في الشتاء واكثر من 35 الف دينار (26 دولارا) خلال الصيف، بينما يحتاج المنزل العادي الى 15 امبير على الأقل لتشغيل مكيف هواء صغير وثلاجة وبعض الإضاءة وجهاز تلفزيون، وهو ما يعني تكلفة شهرية لا تقل عن 390 دولارا، اي ما يعادل متوسط الراتب الشهري لموظف عادي في القطاع الخاص.”.
اما توفير الكهرباء لمنزل مكتظ بكامل طاقته، فانه كما يشير التقرير، “يتطلب اكثر من 80 امبير، أي ما يعادل 2000 دولار كل شهر، وهو ما يتخطى قدرة غالبية العراقيين”.
وتابع التقرير انه “الى جانب التكلفة العالية، فان مولدات الكهرباء، تساهم في مفاقمة التلوث البيئي من خلال الغازات السامة، وتسبب التلوث الضوضائي في المناطق السكنية، في حين ان الطاقة الشمسية، لا تستغل بشكل جيد في العراق”.
ونقل التقرير عن المهندس رافد العبيدي، وهو مدير احدى محطات توليد الطاقة، قوله انه “منذ شباط/فبراير 2025، عندما جرى فرض حظر على استيراد الغاز الإيراني، فإننا لم نستطع تشغيل مولداتنا بطاقتها الكاملة، واجبرنا إلى وقف بعضها”، مضيفا انه “خلال السنوات الماضية، لم نشهد أي تطور في أنظمة الكهرباء لدينا، ومعداتنا قديمة جدا، وتستهلك الغاز بدرجة أحيانا ما يتخطى نظيراتها الحديثة”، مشيرا الى انه “في ظل انتشار الفساد في هذا المجال طوال 22 سنة، فإننا لم نتمكن حتى الان من تطوير هذه المنظومة، وسنصل الى مرحلة التوقف الكامل”.
وبحسب العبيدي، فانه “بالتأكيد سيكون صيفا حارا، ولا تتوفر حلول حقيقية، ولدينا في الأصل مشكلة كبيرة في نقل الكهرباء بسبب ضعف الشبكات، وتقادم معظمها، مما يجعل الازمة اكبر بكثير مما هو متوقع”.
ونقل التقرير عن العبيدي توقعاته “بأن لا يتجاوز تزويد الحكومة بالكهرباء 4 ساعات يوميا، ونتوقع أن لا يتجاوز ساعتين في البداية، وهو ما يعني ان معظم مناطق العراق ستعاني من انقطاع الكهرباء لمدة تتراوح بين 20 و22 ساعة يوميا، بحسب الاعتماد على المولدات الخاصة والعامة”.
كما نقل التقرير عن صاحب مولد كهربائي خاص، قوله انه “سيتحتم علينا تشغيل المولدات لفترة أطول، فانقطاعات الكهرباء المتكررة تعني ساعات تشغيل أطول، وارتفاع كلفة التشغيل والصيانة وقد تصل كلفة الامبير الواحد الى 50 الف دينار (38 دولارا)، ما يعني ان العديد من الناس لن يتمكنوا من زيادة عدد الأمبيرات التي يشترونها منا شهريا”.
ووفقا للمهندس النفطي محمد الهنداوي الذي يعمل في وزارة النفط العراقية، فإن “كل المشاريع الجارية من اجل رفع واردات الغاز او انتاجه، ستستغرق ما بين عامين و5 أعوام، خصوصا فيما يتعلق بوقف حرق الغاز المصاحب، او حتى إقامة منصات لاستيراد الغاز الطبيعي المسال”.
وخلص المهندس النفطي، إلى القول إن “الغاز الإيراني كان يتم توريده من خلال الانابيب، ولهذا فان العراق لم يفكر في السابق بتطوير منظومة الغاز الطبيعي المسال في موانئه، على الرغم من التهديدات المتكررة بوقف امدادات الطاقة، سواء من الطرف الإيراني او بسبب الضغوط والعقوبات الأميركية على ايران”.