افتتحت العتبة العباسية المقدسة، أمس الاربعاء، مصنع الجود للمحاليل الوريدية بمحافظة كربلاء.
وأعلن المتولي الشرعي للعتبة المقدسة، السيد أحمد الصافي، عن التبرع بـ500 ألف عبوة من المحاليل الوريدية للشعبين الفلسطيني واللبناني لدعم الأنظمة الصحية في البلدين. وتأتي هذه المبادرة كجزء من الدعم الذي تقدمه العتبة العباسية للشعبين اللبناني والفلسطيني، في ظل ما يتعرضان له من عدوان صهيوني ينتهك حقوق الإنسان والأعراف الدولية.
وذكر السيد الصافي خلال كلمته في افتتاح مصنع الجود للمحاليل الوريدية بمحافظة كربلاء “لا يفوتنا أن نذكّر أنّ العالم اليوم يمرّ ببعض الأزمات، خصوصًا في فلسطين الحبيبة ولبنان العزيزة، لما يتعرض لهما هذان البلدان من القسوة الوحشية من قبل العدو، هذا الكيان المتغطرس الذي تسبب الآلاف من الجرحى والإصابات، ارتأينا أن نتبرع – ولعل هذا من واجبنا- بمقدار من بعض المحاليل المتوفرة فعلًا من إنتاج المصنع، وبالخصوص هناك حاجة لمحلول كلوريد الصوديوم وكذلك لمحلول الكلوكلوز”.
وأوضح أنّ “التبرع سيكون بمئتين وخمسين ألفًا للشعب الفلسطيني العزيز، ومثلها للشعب اللبناني الكريم، وطبعًا هذا التبرع إنما يكون عبر وزارة الصحة العراقية حصرًا، باعتبارها القناة الرسمية التي تتواصل مع هاتين الدولتين”.
من جانبه أكد وزير الصحة العراقي، الدكتور صالح الحسناوي في كلمته خلال حفل الافتتاح، أنّ هذا المصنع يُعد إضافة نوعية إلى مشروع توطين الصناعة الدوائية ويمثل خطوة كبيرة في سبيل الاستقرار الصحي في العراق.
وأضاف، أنّ مشروع مصنع الجود للمحاليل الوريدية بطاقته الإنتاجية التي تصل إلى 27 مليون وحدة علاجية، يمثل نقلة كبيرة نحن في أمس الحاجة إليها، إذ لا يتحقق الأمن الدوائي إلا بتوطين الصناعة الدوائية.
وقال رئيس قسم المشاريع الهندسية في العتبة العباسية، المهندس ضياء الصائغ في كلمته أنّ مشاريع العتبة العباسية تهدف إلى خدمة المجتمع وتوفر عبرها أمن غذائي، وصناعي، وتعليمي، وصحي للبلد، وتحت مظلة القوانين العراقية وبعنوان (صُنع في العراق).
وتابع أنّ الخطوة الأولى في إنشاء المشروع، كانت إعداد التصاميم المعتمدة عالميًّا والمعتمدة لدى وزارة الصحة العراقية، واُختيرت إحدى الشركات العالمية للتصاميم، وشركة استشارية عالمية لتنفيذ المشروع؛ بهدف إنجاحه وضمن المواصفات العالمية.
وعن البنى التحتية، ذكر مدير المصنع السيد حيدر الكرعاوي، أنّ المصنع يتضمن أكثر من 17 مبنى، غالبيتها أُنشئت بطوابق متعددة، إلى جانب مباني الاستعلامات والمراقبة الأمنية، ومبنى السكن والإنتاج والخدمات الصناعية (Dark utilities) والمرآب، بالإضافة إلى بنايتي (Clean Utilities)، والمختبرات المتخصصة، ومركز لنظم المعلومات، بمساحة بلغت 8500 متر مربع.
وقال الكرعاوي في كلمته في فعّاليات افتتاح المصنع: إنّ “مشروع صناعة المحاليل الوريدية تحدٍ فنيّ ويفوق في إنجازه أغلب الصناعات الدوائيّة الأخرى، وذلك لأنّ هذا المنتج يزرق إلى مسار الدم مباشرة ومنه لكل الأجهزة الحيوية، ما يتطلب بيئة عمل مثالية بكل عناصرها، وذلك يتطلب مواصفات لا تتوفر في جميع المشاريع”.
وبيّن أنّ “مبنى الإنتاج والمختبرات فُرشت بـ 2400 متر مربّع من أرضيات الفينيل الخاصّة بالمصانع الدوائية (الألمانية المنشأ)، وبلحام حراري للجوينات، وتحضير السطوح لكي لا تكون هناك زوايا حادة (Covings)، من أجل عدم تراكم أي ملوثات عليها، إلى جانب نصب أكثر من 2000 متر مربع من القواطع العقيمة والتي تعد الخيار الأوّل للصناعات الدوائية؛ لتوفرها بيئة يسهل السيطرة عليها وضبط كل المؤثرات الخارجية عبرها، إذ تتكون من طبقتين (powder coated) و (galvanized sheet)، إذ تبلغ سمك كل طبقة 50 ملم ووضع بينهما مادة الصوف الصخري المضاد للحرائق بسمك 200 ملم، وما يميزها سرعة التنصيب؛ لكونها تأتي بشكل قواطع كاملة بكل مفاصلها من مسارات الكيبلات والإنارة وغيرها”.
وأوضح “نصبت منظومة تبريد بقدرة كلية تصل إلى 270 طن من جلرات ودافعات بمرشحات وفلاتر متقدمة (Hepa filters H13 and H14)، إلى جانب تزويد المصنع بمسخن ماء بقدرة 8 أطنان وبضغط 10 بار؛ بهدف توفير البخار الساخن الضروري لتعقيم مرافق التصنيع، إضافة إلى ضاغطي هواء (High and low pressure 40) و (10 بار)”.
وذكر مدير المصنع، أنّ “المصنع مزود بمبنى للخدمات النظيفة يوفر جوهر المنتج النهائي وهو الماء المعد للحقن، إذ تم تركيب منظومات متعددة، وتعد من الأفضل في العالم، وهي من شركة (BWT) النمساوية، وتعمل على تحويل الماء من الحنفية إلى ماء آمن للدخول إلى جسم الإنسان” لافتًا إلى أنّ “الماء المعد للحقن يبقى بدرجة 80 مئوية لكل أيام السنة ومراقبا بمقياس الجزيئات الكربونية طيلة الوقت (TOC online)، ويعد من أدق المقاييس الذي يبيّن نقاوة المياه المنتجة في العالم”.
وتابع، أن “التقنية المستخدمة في صناعة القناني وملئها هي (ISBM) وتعد الأولى في العراق والأحدث في العالم، إلى جانب الخط الصناعي الثاني الذي يعمل بتقنية (BFS)، ولكن التقنية الأولى لها مميزات متعددة، منها: تصنع من مادة الـ (PP) والتي عبرها تكون القنينة شفافة ما يسهل كشف أي كائنات دقيقة، إضافةً إلى سدّ المسامات فيها لكي لا تسمح لأي جسيمات بالمرور، فضلًا عن تحمل القنينة درجة تعقيم تصل إلى 121 مئوية وهي الدرجة الموصى بها من أعلى الجهات الرقابية العالميّة”.
وأشار إلى أن “المصنع زُود بمنظومتَي الأولى السيطرة على الدخول والكاميرات التي تكشف على أي مخالفة عَبرَ الذكاء الاصطناعي، والثانية سيطرة (BMS) على خدمات المشروع كافّة، إلى جانب امتلاكه لخد مؤتمت بنسبة 80% إذ لا تمس الأيدي البشرية منتجنا لحين إغلاقه بالكامل، إضافةً إلى مختبرات تعمل على أعلى معايير الجودة والتكنولوجيا المتقدمة، إذ جُهّزت بأحدث الأجهزة والمعدّات مثل جهازَي (HPLC) و (Liquid particle counter) وغيرها الكثير، على وَفقِ أفضل الممارسات العالمية (GMP) و (GLP) التي تلتزم بأعلى معايير القمامة والسلامة، فضلًا عن أكثر من 10 كيلومترات من الأنابيب الممتددة بفئات متعددة (هواء مضغوط، بخار، ماء عقيم، ماء اعتيادي، وغيرها)، وخزانات تحت الأرض بسعة 400 ألف لتر وشبكة كهربائية متكاملة”.
وبحسب السيد حيدر الكرعاوي، فإنّ المشروع له أثر كبير على السوق الدوائي المحلي والإقليمي، إذ يُعدّ مشروعًا عالميًّا بشهادة كل من زاره من المختصين، وهو من الأفضل إن لم يكن الأفضل على مستوى العراق، ولم يكن ذلك يحصل لولا الدعم اللامحدود من إدارة العتبة العباسية التي قدمت جميع الاحتياجات لفتح مصنع الجود للمحاليل الوريدية.