احمد صلاح – كربلاء
في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات لتطوير الخطاب الإعلامي في العراق، يبقى خريج كلية الإعلام، ذلك الذي اختار أن يتسلح بالعلم والمعرفة، عالقًا بين التهميش وضعف الفرص وانسداد الأفق المهني.
خريجو الإعلام في العراق يواجهون جملة من التحديات، تبدأ من داخل أسوار الكلية، ولا تنتهي عند أبواب المؤسسات الرسمية. تدريب محدود، مناهج بحاجة إلى تحديث، وغياب جسور حقيقية بين الدراسة الأكاديمية وسوق العمل، كلها عوامل تُسهم في إضعاف حضور خريج الإعلام في الميدان.
واقع الفرص والوظائف
رغم حاجة المؤسسات الحكومية والإعلامية إلى كوادر مهنية مؤهلة، ما تزال فرص التوظيف الحكومية شبه معدومة أمام خريجي الإعلام، الذين لا يجدون أمامهم سوى أعمال حرة، أو تطوعية، في مؤسسات قد لا تقدّر قيمة التخصص الأكاديمي، أو تعمل وفق معايير مهنية واضحة.
طريقٌ غير ميسر
واحدة من أبرز الإشكاليات التي يعاني منها خريجو الإعلام هي صعوبة الانتساب إلى نقابة الصحفيين العراقيين، إذ أن أبواب العضوية مغلقة منذ سنوات أمام أغلب الخريجين الجدد، بينما يُشترط عليهم اجتياز “اختبار كفاءة” للحصول على العضوية، في ظل بيئة عمل لا توفّر الفرص الكافية لاكتساب الخبرة الميدانية.
ومع غياب فرص التوظيف، يواجه الصحفيون الشباب تحديًا آخر، يتمثل في الرسوم المرتفعة لتجديد الهويات، أو اعتماد الوكالات والمكاتب الإعلامية، ما يثقل كاهلهم المالي ويجعل من الاستمرار في المهنة تحديًا إضافيًا.
محدودية الدعم والتحفيز
رغم الجهد الكبير الذي يبذله الصحفيون، لا سيما من الخريجين الجدد، في تغطية الأحداث ونقل الواقع، إلا أن الدعم الحكومي ما يزال ضعيفًا، سواء من حيث الامتيازات، أو المنح السنوية، والتي لا تتجاوز قيمتها 600 ألف دينار في العام الواحد، وهو مبلغ لا ينسجم مع طبيعة المهنة وتحدياتها.
مطالب مشروعة لا تُواجَه بالتجاهل
المطالب التي يرفعها خريجو الإعلام اليوم لا تمس فقط حقوقهم، بل تتعلق بجوهر تطوير الإعلام العراقي. فلا يمكن بناء إعلام مهني دون تمكين الكفاءات الأكاديمية، ولا يمكن مطالبة الخريج بتقديم الأفضل، وهو محروم من أبسط أدوات التمكين والدعم.
إصلاح المنظومة لا يبدأ من القمة فقط
لكي نرتقي بالإعلام، علينا أن ننظر بجدية إلى واقع خريجي الإعلام، وأن نتعامل معهم لا كـ”باحثين عن وظيفة”، بل كـ”صناع وعي” ينتظرون فرصة ليقدموا الأفضل لهذا البلد.
الإصلاح يبدأ حين نعترف أن التهميش لا يصنع كفاءة، وأن الفرص لا تُمنح بالمحاباة، بل تُبنى على الكفاءة، والعدالة، والتكافؤ