منتصر العراقي – كركوك
اثارت صورة الجلوس معاً عدة مواضيع في العراق تداولها الصغير والكبير السياسي والمدني لماذا هناك وقبل وقت قصير من القمة العربية المرتقبة في بغداد عدة اسئلة طرحت رافقها ترحيب وتخوين فالعراق يضج بأراء مختلفة وكل يغني على ليلاه، لقاء جمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالسيد أحمد الشرع رأس السلطة السورية واشهر شخصية مؤثرة في العام الحالي، احتضنت بشكل مفاجئ العاصمة القطرية الدوحة هذا اللقاء وسرعان ما تجسدت ملامح مرحلة جديدة من الانفتاح الإقليمي والتكامل العربي، خطوات تحمل رسائل سياسية واقتصادية وأمنية، وتعكس حجم التحولات التي تشهدها المنطقة، ورغبة الشعوب والحكومات في تجاوز عقبات الماضي نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.
يأتي هذا اللقاء في سياق تنامي الدور العراقي على الساحة الإقليمية، ومحاولاته الجادة لإعادة تموضعه كلاعب محوري بين دول الجوار والدول الإقليمية والعالمية.
تطلعات تعاون تشير الى أبرز الملفات، ضبط الحدود بين البلدين، وخصوصاً في ما يتعلق بملف تهريب المخدرات الذي أصبح تهديداً خطيراً للأمن المجتمعي والاقتصادي. التعاون الأمني المشترك في هذا الصدد لا يمكن أن يُؤجَّل، خصوصًا مع وجود تقارير تشير الى تزايد نشاط مجاميع تنظيم داعش في المناطق الحدودية الهشة.
ويعرف الجميع إن العراق، بحكم جغرافيته وتاريخه، مدركٌ أن استقرار سوريا هو استقرار له، وأن إعادة إعمارها وتفعيل العلاقات الثنائية معها سيعود بالنفع المشترك على الشعبين.
أما في الجانب الاقتصادي، فإن انفتاح العراق على سوريا يعزز فرص التكامل الاقتصادي العربي، ويفتح الباب أمام مشاريع إعادة الإعمار التي يمكن أن تُسهم بها الدول الخليجية، في ظل ما أبدته هذه الدول من تطلعات نحو توسيع أدوارها التنموية خارج حدودها التقليدية. الخليج العربي اليوم لم يعد ينظر فقط من زاوية الطاقة والأسواق، بل بات لاعبًا محوريًا في ملف السلام الإقليمي، وبناء الاستقرار المستدام.
إن لقاء السوداني والشرع في قطر لا يعكس فقط تقاربًا ثنائيًا، بل هو جزء من رؤية أشمل تنسجها الدول العربية لإعادة صياغة العلاقات البينية على أساس الشراكة، والمصالح المتبادلة، بعيدًا عن التوترات والصراعات التي أنهكت المنطقة.
تطلع الخليج نحو ديمومة السلام وتحقيق الاستقرار لا يتوقف عند حدود الاستثمارات، بل يمتد إلى تبني مقاربات جديدة في حل النزاعات، وتعزيز المصالحات، وتثبيت أسس التعاون الأمني والاقتصادي والثقافي وهي خطوات واثقة نحو مرحلة ما بعد الصراعات، نحو تنمية حقيقية، وسلام دائم، ومجتمعات مستقرة تُعطي الأولوية لبناء الإنسان وإعمار الأوطان.