نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقال رأي للمحاضرة في جامعة إكستر ويدا مهران في بعنوان: “كيف ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي طالبان البارعين في التكنولوجيا على استعادة أفغانستان”.
مهران، تقول إن عوامل عدة ساعدت طالبان على السيطرة على أفغانستان في غضون أسبوعين، منهية 20 عاما من القتال مع القوات الغربية والجيش الوطني الأفغاني. إلا أن أبرز هذه العوامل كان اتباع الحركة لاستراتيجية إعلامية حديثة ناجحة.
وقالت الكاتبة إنه قبل عام 2001 حظرت طالبان استخدام الإنترنت وفككت محطات التلفزيون التي تديرها الدولة وأمرت المواطنين بالتوقف عن مشاهدة التلفزيون تماما وحظرت الموسيقى.
لكن بعدما أطاحت بها القوات الدولية، وسّعت الجماعة بسرعة وجودها على الإنترنت، بدءا من عام 2003، بحسب مهران.
وأوضحت الكاتبة أن طالبان أطلقت بعدها محطة إذاعية جديدة تسمى “صوت الشريعة” وكان لها موقعها الخاص على الإنترنت، باسم “الإمارة”. ويحتوي الموقع بشكل أساسي على أخبار ومقاطع فيديو من ساحات المعارك، بالإضافة إلى البيانات الرسمية للحركة.
وتقول الكاتبة إنه في أعقاب هزيمتها ركزت طالبان جهودها على إحياء الجماعة على الإنترنت، عبر “إمارة افتراضية”، كما سمّاها المحاضر في الطب النفسي، نيل كريشان أغاروال، في كتاب له عن طالبان.
وأشارت مهران إلى أن طالبان كانت تنتج مجلات على الإنترنت بلغات عديدة وصممت رسائلها في كل منها للرد على اهتمامات ومخاوف الجمهور المحلي الذي تخاطبه. فعلى سبيل المثال، كانت تتحدث كثيرا عن الدين في المنشورات العربية والإنجليزية، في حين كانت تتحدث عن القومية في الفارسية منها.
أما على الصعيد الدولي، فتصوّر طالبان نفسها على أنها جماعة إسلامية راديكالية “وطنية” تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتقرير المصير في الوقت الذي تحارب الإمبريالية، بحسب الكاتبة.
وتقول مهران إن القاسم المشترك هو إضفاء الشرعية على طالبان كبديل سياسي قابل للتطبيق لحكومة كابل.
وتضيف أن صياغة رسائل لتلقي صدى لدى السكان المحليين هي تكتيك فشلت فيه قوات التحالف الدولي. وظلت حركة طالبان تركز على بناء شعور بالهوية متجذر في الثقافة الأفغانية. وأكسبتهم هذه الاستراتيجية الكثير من التأييد بين بعض شرائح السكان، بما في ذلك الشخصيات المحلية المؤثرة مثل الملالي وعلماء الدين والشيوخ.
وتضيف أنه على مدى الأسبوعين الماضيين، لعب هؤلاء الحلفاء دورا مهما في إقناع قوات الأمن والدفاع الوطني الأفغانية والمسؤولين الأفغان بالاستسلام لطالبان – “أبناء البلد” – بدلا من قتالهم.
وتشير الكاتبة إلى أن تحديث البنية التحتية للبلاد بعد عام 2001 كان له تأثير إيجابي كبير على الجماعة الإسلامية، إذ تشير تقديرات حديثة إلى أن 89٪ من الأفغان لديهم الآن إمكانية الوصول إلى الإنترنت من خلال هواتفهم المحمولة، ما يزيد بشكل كبير نطاق انتشار دعاية طالبان والمواد الخاصة بالتجنيد داخل البلاد.
وفي ظل زيادة انتشار تقنيات الاتصالات، استفادت طالبان وأنصارها أيضا من التطبيقات: إذ تستخدم المنصات المشفرة من طرف إلى طرف مثل واتساب وتليغرام للاتصال والتجنيد وتنظيم العمليات وتوزيع التقارير والتواصل مع الصحفيين.
وتقول الكاتبة إن استراتيجية طالبان الإعلامية نجحت على مدى العقدين الماضيين بسبب قدرتها على إيصال رسالتهم ونشر وجهة نظرهم بشكل أسرع بكثير من أعدائهم.
وأشارت مهران إلى أنه بعد الاستيلاء على كابل، أطلقت حركة طالبان حملة علاقات عامة لإبراز صورة مختلفة عنها، ونأت بنفسها عن “إرث القوة الوحشية والقمع العنيف للنساء والأقليات العرقية من خلال تعميم رسائل تضمن سلامة وأمن جميع الأفغان”.
وبينما لا تزال الحركة محظورة على فيسبوك ويوتيوب، تقول الكاتبة إن طالبان جندت مستخدمين مؤثرين على يوتيوب لديهم آلاف المتابعين، للإبلاغ عن الحياة في كابل في ظل حكم طالبان، ما ساعد على تقديم النظام الجديد بشكل إيجابي، بينما تختلف الحقيقة بعيداً عن الكاميرات، بحسب الكاتبة.
وتقول مهران إنه يمكن للتقنيات ذاتها التي سرّعت عودة طالبان إلى السلطة أن تقوّض نظام الحركة الجديد. وهناك مخاوف من أن بعض وسائل التواصل الاجتماعي قد تُحظر على وجه التحديد لهذه الأسباب.
فمنصات التواصل الاجتماعي المختلفة تعد الوسيلة الأساسية حاليا لمقاومة حكم طالبان، بحسب الكاتبة.
وتختتم مهران مقالها بالقول: “إذا تمكنت طالبان من فرض قيود واسعة على الإنترنت والسيطرة على حركة مرور المعلومات القادمة من أفغانستان، فإن نافذة الأمل الأخيرة هذه ستغلق أمام ملايين الأشخاص في البلاد”.