رأي- طارق الطرفي
منذ شهر شباط من العام الحالي 2024 تشكلت الحكومة المحلية الجديدة في محافظة كربلاء المقدسة بشقيها التشريعي الرقابي والتنفيذي، ومنذ جلسة إنتخاب رئيس المجلس ونائبه وجلسة تسمية المحافظ التي عُقدت سريعاً خشية الإنقلاب بالآراء والمواقف والتأييد، دون فتح باب الترشيح لهذا المنصب أمام من يجد في نفسه الكفاءة من أبناء المدينة وإعطاء الفاصل الزمني القانوني لذلك، الجلسة التي تسربت قبلها وبيومها وما تلاه، معلومات عن السجالات والإختلافات بين الأطراف السياسية مركزياً ومحلياً، وما شكلته من إنطباع مسبق بشأن مستقبل المحافظة حكومياً لدى المتتبعين والمهتمين وأنا منهم لطبيعة عملي التي تقتضي الاهتمام والمتابعة للشأن السياسي، ومع إنطباعنا الذي تشّكل بدايةً عن مجلس المحافظة والمخاوف من عدم قيام سلطة رقابية قوية، لكننا مضينا نأمل في أن نلمس دوراً رقابياً حقيقياً بالوقوف على الملفات الحساسة والكبيرة وإتّضاح الشبهات التي طالما تحدث عنها المواطن الكربلائي.
يدرك المتابع إن مع نهاية شهر أيار المنصرم إنتهت الشهور الأربعة وهي السقف الزمني للفصل التشريعي الأول لمجلس كربلاء، الذي ضاع كثير من أيامه بانشغال أعضائه بتأثيث مكاتبهم واختيار سياراتهم الحديثة، إجتماعات عديدة عقدها المجلس خلال الأسابيع الماضية لكن جدولها خلا مما يتعلق بخطوات جادة تنسجم مع طبيعة عمله، كتقييم أو تغيير مديري الدوائر الذين مضت عليهم سنوات وهم بمواقعهم، والكشف أو الرد على الشبهات التي كثيراً ما اُثيرت بشأن عمل الإدارة المحلية خلال الأعوام الأخيرة، لم نشاهد خطوة جريئة بالحديث عنها وبيان حقائقها على أقل تقدير، والكلام عن حصر إحالة المشاريع والمقاولات لشركات وأشخاص محددين وما يتداول عن سيطرة مقربين عليها، كأن المجلس في جزيرة نائية عنه، وما زال الصندوق الأسود الخاص بالإستثمار مغلقاً ولم تتبين حيثيات مشروعاته لا سيما السكنية منها والتي وجدت للأغنياء فقط ولم تُعالج مطلقاً أزمة السكن لقاطني العشوائيات ومعهم ذوي الدخل المحدود، ملفات الصحة والأمن والتربية والبيئة وكل ما يتعلق بخدمة المواطن لم نشاهد أزائها إلا زيارات وحضور إحتفاليات، حجب المعلومات عن الإعلام والسماح فقط لما يتضمن التمجيد والتهليل، وإختزال اسم كربلاء بشخص واحد ونقد أداءه يعني الإساءة للمحافظة ومكانتها، ووضع عبارة “برعاية فلان” على واجهات ومقتربات المشاريع وعدم ذكر القيَم والتكاليف الإجمالية لها مقابل سوء التنفيذ الواضح ببعضها، ونقش اسم المسؤول على جدران البنايات الحكومية، باتت ظاهرة تعكس التوجه صوب مرحلة السلطة الوحيدة المطلقة، وكأنه لا مُنجز لسواها، وكأن مصادر تمويل المشاريع خاصة من عطاياها وهباتها وليست أموال الشعب وهي المسؤولة عن إدارتها فقط.
الأيام التي مضت كانت كفيلة بأن تُظهر ولو ملامح من دور وقوة وحزم السلطة الرقابية في المحافظة التي يُفترض أنها جاءت لتراقب وتُقيّم وتحاسب أو تُثيب وتعلن للرأي العام، لكن ما بدأ يتضح والكثيرون يتحدثون به، إن كربلاء لا يرتفع فيها إلا صوت السلطة التنفيذية ولا آمر إلا هي والجميع تحت توجيهها ورضاها، ما دامت إرادتها تُهيمن داخل مجلس المحافظة، هذا الواقع الذي ينبغي أن يتغير وإن برره من أوصلتهم أصوات الناس فتلك مصيبة أعظم.