احمد صلاح – رأي
تشهد مدينة كربلاء ظاهرة لافتة تتمثل في استبدال الأشجار الخضراء الطبيعية بالأشجار الضوئية، وهي ظاهرة تثير الكثير من الجدل بين السكان والمهتمين بالبيئة. هذه الأشجار الطبيعية ليست مجرد نباتات خضراء، بل هي جزء لا يتجزأ من النسيج الحضري للمدينة، تلعب دورًا حيويًا في تحسين جودة الهواء، وتوفير الظل، وإضفاء جمال طبيعي على المناطق الحضرية.
الأشجار الطبيعية: فوائد لا تعد ولا تحصى
تعتبر الأشجار الطبيعية من أهم العناصر التي تساهم في تلطيف الجو وتوفير الظل، مما يجعل الأماكن العامة أكثر راحة وجاذبية. تعمل الأشجار على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين، مما يساعد في تقليل التلوث البيئي وتحسين جودة الهواء. بالإضافة إلى ذلك، توفر الأشجار موطنًا للعديد من الطيور والحيوانات الصغيرة، مما يسهم في تنوع البيئة الحيوية.
الأشجار الضوئية: حل مكلف وغير فعال
على النقيض من ذلك، تتطلب الأشجار الضوئية كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية لتشغيلها، مما يؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة وتكاليفها.
كما أن هذه الأشجار تسهم في رفع درجة حرارة الجو بدلاً من تلطيفها، مما يزيد من معاناة السكان في ظل الحرارة الشديدة التي تشهدها كربلاء خلال فصل الصيف.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسبب اشجار الإضاءة تشوشًا بصريًا لمستخدمي الطريق، مما يزيد من مخاطر الحوادث المرورية.
التأثير البيئي والاجتماعي
إن استبدال الأشجار الطبيعية بالأشجار الضوئية له تأثير سلبي واضح على البيئة. ففقدان الأشجار الطبيعية يؤدي إلى تقليل المساحات الخضراء، مما يؤثر سلبًا على التنوع البيئي والجمالي للمدينة. كما أن الاعتماد على الإضاءة الصناعية يزيد من استهلاك الطاقة، مما يفاقم من أزمة الطاقة ويزيد من الأعباء المالية على الحكومة والمواطنين.
الدعوة إلى العودة للطبيعة
في ضوء هذه التأثيرات السلبية، بات من الضروري إعادة النظر في هذه الظاهرة والعودة إلى زراعة الأشجار الطبيعية. يمكن للجهات المسؤولة تنفيذ برامج تشجير واسعة النطاق، تستهدف زيادة المساحات الخضراء في كربلاء، وتحسين البيئة الحضرية للسكان. كما يمكن تشجيع المواطنين على المشاركة في هذه الجهود من خلال حملات توعوية حول أهمية الأشجار الطبيعية وفوائدها البيئية والصحية.
في الختام، إن الحفاظ على الأشجار الطبيعية والاهتمام بتشجير المدن هو استثمار طويل الأمد في صحة البيئة وجودة الحياة. إن الأشجار ليست مجرد نباتات، بل هي رمز للحياة والاستدامة، ويجب علينا جميعًا العمل على حمايتها وتعزيز وجودها في مدننا.