مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في العراق تتجه الأنظار إلى محافظة ذي قار التي تعد من أكثر المحافظات حيوية وتأثيرا في المشهد السياسي نظرا لتاريخها في الحراك الشعبي والمطالبات المستمرة بالإصلاح وبين أجواء الترقب والقلق تتباين مواقف الأهالي بشأن المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها، ووسط هذا المناكفات تثار الأسئلة هل الانتخابات النيابية المقبلة كشكل روتيني ام أنها فرصة حقيقية للتغيير وبداية لنهضة اجتماعية تمتد من محافظة إلى دولة .
وعي الناخب العراقي بالعموم والذيقاري بالخصوص أعلى من أي وقت مضي كونها أصبحت أكثر إدراكا لما يدور خلف الكواليس وأكثر قدرة على التمييز بين من يريد السلطة ومن يريد الإصلاح حسبما يرى المواطن محمد الكعبي ، ويؤكد على انه حتى لو حاولت بعض المكاتب السياسية أن تفتح ذراعيها للناس فإن ذاكرة الشارع مازالت تحمل ما حدث في السنوات السابقة الإهمال الفساد وغياب ابسط مقومات الحياة ، مشددا على ان يخرج الصوت الانتخابي اليوم مدعوما بالجسد ليطالب بحقوقه الإنسانية لأننا بلد يملك من الخيرات والثروات ما يكفي لبناء دول لكن لم يصلنا من هذا الخير الا اسمه، مخاطبا القوى السياسية بالقول : تعلموا من الماضي وكونوا اهلا لحمل مسؤولية الناس .ليس بالشعارات بل بتوفير الأمان والخدمات وفرص العيش الكريم خاصة في الناصرية
المزاج الشعبي مشاركة مشروطة
الشارع الذيقاري منقسم حول الانتخابات فئة داعمة للمشاركة، وتضم شريحة واسعة من الشباب والناشطين الذين يرون في الانتخابات فرصة للتعبير السلمي، بشرط اختيار مرشحين جدد يحملون برامج واضحة ونزاهة سياسية يعتقد هؤلاء ان المقاطعة تمنح الفاسدين قرصة للاستمرار في السلطة دون مقاومة شعبية، فيما تميل الفئة الأخرى إلى المقاطعة لأسباب تتعلق بفقدان الثقة في العملية السياسية والوعود المتكررة التي لم تتحقق، ويرى كثيرون أن الانتخابات السابقة لم تحدث تغييرا حقيقيا وان نتائجها غالبا ما تفصل على مقاسات الكتل السياسية المتنفذة
استعدادات لوجستية وميدانية
تعمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على استكمال التحضيرات الفنية واللوجستية في ذي قار حيث تم تجهيز مراكز الاقتراع وتحديث بيانات الناخبين فيما تتواصل عمليات تدريب الكوادر الإدارية التي ستشرف على العلمية الانتخابية وتشير الجهات الرسمية أن البيئة الأمنية في المحافظة باتت أكثر استقرارا مقارنة بالسنوات السابقة مما يعزز فرص إجراء انتخابات آمنة ونزيهة
الحراك المدني والرقابة الشعبية
من اللافت .في هذه الدورة الانتخابية تصاعد النشاط المدني حيث بدأت منظمات محلية وشخصيات مستقلة بحملات توعية وتشجيع على الانتخاب الواعي وليس مجرد المشاركة.كما يتم الاعداد لفرق رقابة شعبية تتابع العملية وتوثق أي خروقات محتملة بهدف الشفافية ومنع التلاعب ، فيما يرى أستاذ العلوم السياسية والباحث وليد عاصي انه من المتوقع أن تشهد الساحة السياسية في الناصرية تغييرات جوهرية في موازين القوى.
وأضاف إن انسحاب التيار الصدري من السباق الانتخابي سيترك فراغا سياسياً كبيرا لكونهم يشكلون القاعدة الشعبية الأوسع في المحافظة وكان لهم حضور فاعل في رسم معالم العملية السياسية سابقا، وأشار الى انه في المقابل إن بعض أحزاب ما يعرف بالمقاومة الإسلامية ستتقدم بقوة في هذا المشهد كونها المنافس الأبرز حاليا مما يرجح حصولها على حصة كبيرة من مقاعد مجلس النواب ضمن المحافظة، مستفيدة من تراجع منافسيها وانعدام التوازن السياسي، لافتا الى ان حزب تشرين والذي كان ينظر إليه سابقا كصوت بديل ومعبر عن الحراك الشعبي فقد خسر الكثير من ثقة جمهوره بسبب التشتت وضعف الأداء السياسي ولم يعد يشكل رقما يعتد به في معادلة التنافس الانتخابي الحالي، وخلص بالقول الى ان خارطة الناصرية الانتخابية تتجه نحو استقطاب ثنائي حاد مع انحسار التيارات الإصلاحية والمستقلة وبقاء التنافس بين قوى تقليدية متجذرة في واقع المحافظة لا يمكن إغفال حقيقة أن نسبة كبيرة من أبناء المحافظة يعارضون الانتخابات نفسها ويرفضون قانونها ما يعكس حالة من فقدان الثقة العميقة بالمؤسسة الانتخابية والمخرجات السياسية برمتها ..
لتبقى ذي قار أمام خيارين حاسمين أما أن تنخرط بالعملية الانتخابية كأداة ضغط شعبي لإحداث التغيير أو تختار المقاطعة تعبيرا عن فقدان الثقة .. وفي كلا الحالتين.. يبقى الصوت الذيقاري مؤثرا سواء تم التعبير عنه في صناديق الاقتراع أو عبر الشارع.