يبدو أن محاولات الحكومة العراقية لإعادة الحياة للبطاقة التموينية باءت بالفشل في ظل ما يعرف بالسلة الغذائية التي تم طرحها مؤخرا لتلافي الانتقادات اللاذعة بشأن ما يدور حولها من فساد وقلة ما تحتويها من مواد.
فمع الاضافات القليلة لمفردات البطاقة التموينية او ما بات يعرف حاليا بالسلة الغذائية، فوجئ العراقيون بخفض اوزان المواد الرئيسية فيها كالسكر الى النصف، مع عدم اكتمال هذه السلة ليتم توزيعها منقوصة الرز او الفاصوليا او السكر او جميع هذه المواد.
وكان مجلس الوزراء قد وافق في 4 أيار 2021 على مقترحات وزارة التجارة بشأن تجهيز سلة غذائية تتولى وزارة المالية تأمين التخصيصات المالية لها، والتي تندرج ضمن تخصيصات البطاقة التموينية المقررة في الموازنة لسنة 2021.
“مجرد كلام” وسلة بائسة
عدد من المواطنين اعتبروا في أحاديثهم لوكالات محلية ان هذه السلة لا تقل بؤسا عن سابقتها من مفردات البطاقة التموينية السابقة.
وتقول المواطنة ام فاطمة، من منطقة الكرادة ببغداد، ان “السلة الغذائية التي تم توزيعها أمس لا تقل بؤسا عن سابقتها”، مبينة ان “التغيير جاء فقط في مفردة الكلام لا غير”.
وتضيف ان “وزارة التجارة تدعي انها اضافت مادتين في السلة الجديدة وهي الفاصوليا والمعجون الا ان الفاصوليا وحسب ادعاء المجهز غير موجودة ولم يستلمها من مخازن الوزارة، اضافة الى الارز ايضا، كما ان مادة السكر تم تخفيضها من الكيلو غرامين للشخص الواحد إلى كيلوغرام”، متسائلة “عن اي سلة تتحدث وزارة التجارة؟”
الدولة “مطلوبة” للمواطنين!
من جانبه يقول جواد الحسني ان اسرته “لم تستلم اي مواد من مفردات البطاقة التموينية البالغة اربع مواد منذ عام 2003 ولغاية الان بشكل سليم وصحيح”، مبينا انه “دائما ما يتم استلامها منقوصة العدد”.
وتابع ان “وكيل المواد الغذائية (موزع مفردات البطاقة التموينية) يدعي انه سيقوم بتسليمها لنا بعد فترة بمجرد استلامها من المخازن الا ان ما يقوله مجرد حبر على ورق”.
ويبين الحسني ان “مفردات البطاقة التموينية تعد مهمة لأغلب فئات المجتمع في الوقت الحاضر نتيجة الغلاء ومحدودية الرواتب وانخفاضها وقلة فرص العمل في العراق”، مطالبا الحكومة “بتحويل هذه المفردات الى بدل نقدي لتوزيعها على المواطنين بدلا من هذه المتاعب والفساد الذي اصاب مفردات البطاقة التموينية”.
وبدأ تطبيق نظام البطاقة التموينية في العراق منذ عام 1991 التي أصبحت بمرور الزمن السلّة الغذائية للمواطنين، من أجل معالجة جانب من تأثيرات الحصار الاقتصادي الذي فرض عليه، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي (661) لعام 1990.
البدل النقدي هو الحل
من جانبها، اعتبرت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، ندى شاكر جودت، في حديثها لوكالة شفق نيوز تابعته ” سكوب ” ، ان “البدل النقدي افضل الحلول لمشكلة البطاقة التموينية في الوقت الحاضر للقضاء على الفساد فيها”.
ورأت جودت أن “يقتصر دور وزارة التجارة على مراقبة السوق والاسعار والقيام كما هي وظيفة الأمن الاقتصادي، وان يتم إنشاء اسواق تعاونية وبالشكل الذي يحافظ على استقرار الاسواق ومنع ارتفاع اسعار المواد”.
واضافت ان “البدل النقدي سيلغي اللغط في موضوع التعاقدات التي يتم ابرامها لجلب هذه المواد، ولمنع اخراج العملة الصعبة الى الخارج”.
واشارت جودت الى ان “تحديد البدل النقدي يتم من خلال اجتماع مجلس الوزراء ومجلس الاقتصاد وبعض الاشخاص ممثلين عن الشعب للاتفاق على سعر محدد للبدل النقدي”، لافتة الى ان “وزارة التجارة وضعت البدل النقدي كخيار ثالث لحل مشكلة البطاقة التموينية”.
مشروع فاشل
بدوره يقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي، انه “لا يمكن الحكم على تجربة السلة الغذائية من بدايتها وانما يجب انتظار نضج الفكرة وهل ستستمر الوزارة بالتوزيع بالتواريخ المحددة والكميات المقررة ام انها ستتراجع مع الوقت كما حصل مع البطاقة التموينية”.
ويلفت الى ان “نوعية المواد المجهزة واستقرار كمياتها هو مقياس النجاح اذا ما تم توزيعها بانتظام وبالاوقات المحددة”.
ويضيف علي ان “اي تخفيض للكميات او ان تكون هناك نواقص ضمن السلة فهذا سيفرغها من مضمونها ويجعلها مشروعا فاشلا يضاف الى اخفاقات وزارة التجارة للسنوات الماضية في ملف البطاقة التموينية”.
التجارة تتحدث عن نجاح “افتراضي”
فيما اعلنت وزارة التجارة انها “حققت نجاحات” من خلال السلة الغذائية التي باشرت بها خلال الفترة القليلة الماضية.
ويقول المتحدث باسم الوزارة، محمد حنون، ، ان “العمل بمشروع السلة الغذائية بدأ يحقق نتائج ايجابية على مستوى الرأي العام والناس راضون عن هذه السلة نظرا لجودتها وتنوعها حيث تضمنت سبع مواد”.
ويقرّ بأنه “في السنوات السابقة كانت مفردات التموينية الاربع توزع بشكل متقطع وبواقع اربع الى خمس اشهر بالسنة الواحدة”.
ويضيف حنون ان “الوزارة اوكلت مهمة استيراد هذه المواد لشركات خاصة وبذلك ابتعدت عن قضية الفساد بالعقود فيما يقتصر عمل الوزارة على فحص وتدقيق ومراقبة تجهيزها”، مؤكدا ان “المواد غير الصالحة للاستهلاك لا يتم استلامها من هذه الشركات وبالتالي تخلصنا من مشكلة الاف الاطنان التالفة من المواد الغذائية في المخازن”.
ويوكد ان “توزيع السلة الغذائية للشهر الاول كان تجريبيا وسيتم تلافي تأخر بعض المواد كالرز مستقبلا”، مبينا ان “المواطن هو الذي يقرر جودة هذه المواد، وسترفع هذه المواد من السلة اذا كانت غير جيدة “.
وبموجب نظام البطاقة التموينية تتكفل الدولة بتوزيع الموادّ الغذائية الأساسية على المواطنين شهرياً، بما يسد جزءاً من حاجتهم، إلا أن مفردات البطاقة الموادّ الغذائية المشمولة تناقصت من 13 مادة كانت توزع شهريا قبل عام 2003، إلى اربع مواد وفي اغلب الاحيان لا يتعدى توزيع اثنين او ثلاث مواد منها.